وسط رفض القوى المشكّلة للمشهد البرلماني في فرنسا عقد اتفاقات بينها لتشكيل الحكومة.. ماهي الخيارات المطروحة أمام النخب السياسية؟
تعقّد نتائج الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا التي جرت الأحد، وأفرزت تصدر تحالف الجبهة الشعبية اليساري، ملامح المشهد السياسي للبلاد، في ظل عدم حصول أي معسكر على أغلبية مطلقة تسمح له بتشكيل الحكومة الجديدة
وتضع نتائج الانتخابات البلاد أمام “برلمان معلّق”، في ظل عدم رفض التحالف الرئاسي الذي يقوده إيمانويل ماكرون، الاتفاق مع الجبهة الشعبية التي حصلت على أكثر من 180 مقعدا في البرلمان الجديد.
وكان حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بقيادة مارين لوبان وجوردان بارديلا، قد حسم موقفه مبكرا بالإعلان عن أنه سيكون في معسكر المعارضة لكن مع كتلة قوية داخل الجمعية الوطنية.
وحققت الجبهة الشعبية الجديدة المؤلفة من عدة قوى وأحزاب أبرزها فرنسا الأبية بقيادة جون لوك ميلونشون والحزب الاشتراكي، وحزب الخضر، 182 مقعدا. أما معسكر ماكرون فقد تمكن خلال الجولة الثانية من تقليل حجم تراجعه الانتخابي، بحصوله على 168 مقعدا.
في المقابل، دخل التجمع الوطني رغم الخسارة التي مني بها، البرلمان بقوة بحصوله على عدد تاريخي من النواب 143 نائبا، لكنه يبقى بعيدا عن السلطة.
وفي ظل التوزيع الجديد لعدد المقاعد، لن تتمكن القوى الرئيسية داخل الجمعية الوطنية، من تمرير أي تشريع أو قانون بشكل منفرد ودون دعم كتلة أخرى.
وينص الدستور على أن الرئيس لا يمكنه الدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل 12 شهرا أخرى.
وعلق النائب اليساري بالبرلمان الأوروبي رافائيل جلوكسمان، وهو مشرع، قائلا إن الطبقة السياسية الفرنسية يجب أن “تتصرف مثل البالغين”.
من جانبه، استبعد جان لوك ميلنشون، زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري، تشكيل ائتلاف واسع من الأحزاب ذات التوجهات المختلفة، وقال إن من واجب ماكرون أن يدعو التحالف اليساري إلى الحكم.
ويضع إعلان رئيس الوزراء المنتمي إلى المعسكر الرئاسي غابريال أتال عن تقديم استقالته اليوم إلى قصر “الإليزيه”، ماكرون أمام حتمية تسمية شخصية مقبولة لدى أغلبية المشرعين.
وينص الدستور على أن ماكرون هو الذي يختار من سيقوم بتشكيل الحكومة، لكن من سيختاره لرئاستها لابد أن يحظى بثقة الجمعية الوطنية، التي ستنعقد بعد 15 يوما من الانتخابات.
ويرجح مراقبون أن يسعى ماكرون إلى تشكيل ائتلاف يسار وسط مع كتلته الرئاسية، من خلال ضم الاشتراكيين والخضر من التحالف اليساري، ما يترك حزب فرنسا الأبية بمفرده.
لكن المتابعين يستبعدن فرضية تفكك الجبهة الشعبية في هذه المرحلة.
ويطرح المراقبون السياسيون احتمالا آخر، هو تشكيل “حكومة تكنوقراط”، تدير الشؤون اليومية لكنها لا تشرف على السياسات الهيكلية، والإصلاحات