كشف تقرير صادر عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، عن تراجع حادّ منتظر على مستوى المنتوجات الفلاحية الأساسية المعدّة للتصدير، وذلك نتيجة التأثيرات السلبية للتغيّرات المناخية.
وجاء في التقرير أنّ تونس تعدّ خامس دولة في العالم من بين الدول الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي، ما يمثّل مخاطر حقيقية على الاقتصاد والتنمية.
وتشمل قائمة أبرز المنتجات الفلاحية المتضرّرة، الزيتون، حيث يتوقّع التقرير أن تتعرّض غراسات الزيتون لخسائر إنتاجية سنوية بنسبة 2.3% في الفترة ما بين سنتي 2022 و2050، وكذلك التمور التي ستتعرّض لخسائر سنوية في الإنتاج بنسبة 2% في الفترة ذاتها.
ولا تقتصر خسائر الإنتاج الفلاحي نتيجة التغيّرات المناخية على الزيتون والتمور، حيث إنّ إنتاج الزراعات الكبرى والتي يتركّز 95% منها في مناطق الشمال الغربي التونسي (ولايات الكاف وباجة وجندوبة) سيشهد بدوره انخفاضا مستمرا بنسبة 0.1% خلال العقود الثلاثة القادمة.
وبالنسبة إلى الزراعات السقوية، ستكون المحاصيل الأكثر تأثّرا بتغيّر المناخ، الطماطم الذي سيشهد انخفاضا حادّا في المتوسط السنوي بنسبة – 1.8% والبطاطا -0.7% والحمضيات 0.2%.
وعلى مستوى الثروة الحيوانية، تشير التوقّعات إلى أنّ الإنتاج الحيواني سيتأثّر بشدة بالانخفاض المستقبلي في هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، و من المتوقّع أن يسجّل إنتاج الأغنام والماعز والأبقار تراجعا بنسبة تتراوح بين 0.3% و0.9% خلال الفترة الزمنية ذاتها.
وستكون لتراجع الإنتاج الفلاحي الوطني انعكاسات كبيرة على الاقتصاد الوطني، بسبب تراجع العمل في قطاعي الزراعة والأغذية، وزيادة الواردات الغذائية، وتفاقم الطلب على العملات الاجنبية ممّا يؤدّي إلى تراجع سعر الصرف.
ويعاني القطاع الفلاحي في تونس من عديد الصعوبات والمشاكل، أبرزها الاعتماد على المناخ، إذ لا تمثّل الزراعات السقوية سوى 4.5% فقط من إجمالي المساحات المزروعة، إلى جانب هيمنة الزراعة الأسرية التي تعاني من مردودية محدودة وضعف المستوى التعليمي للفلاحين، (44% أمّيون و39% لديهم مستوى تعليم ابتدائي).
أشارت الدراسة إلى أنّ ضرورة اعتماد كما سياسات لتكييف الفلاحة التونسية مع هذه التغيّرات من خلال العمل على أربعة مجالات للتدخّل: الإنتاج الفلاحي، والتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية، وموارد الأراضي والمياه.
وعلى مستوى الإنتاج الزراعي، يجب التركيز على تحسين إنتاج المحاصيل، وخاصة القمح الصلب والتمور والزيتون، والحفاظ على النظام الزراعي، من أجل تحسين الإنتاجية، من خلال تعزيز نظم الإنتاج المستدامة وتكيّف أصناف وأنواع وسلالات جديدة أكثر مرونة لتغيّر المناخ.
وفي ما يتعلّق بالموارد الطبيعية، وخاصة الأراضي، فإنّ هدف الاستراتيجية هو تنمية الإمكانات الطبيعية من أجل تحقيق الحياد في مواجهة تدهور الأراضي، وإعادة تأهيل التربة، فضلا عن تحسين قدرتها على الاحتفاظ بها.
أما بالنسبة إلى قطاع المياه، فينبغي أن تهدف سياسات التكيّف إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه في القطاع الفلاحي، عبر التحكّم في الهدر واعتماد شبكات الريّ الصغيرة